أنغام القصيد في مجلس صحار الثقافي في نسخته الأولى

صحار ـ صالح بن سعيد الحمداني
في أمسية ثقافية اتسمت بالأصالة وعمق الحضور الإبداعي، شهد مركز «داون تاون» بولاية صحار مساء الثلاثاء الموافق 9 ديسمبر 2025 انطلاقة أولى فعاليات برنامج «أنغام القصيد»، وهي مبادرة أدبية جديدة يطلقها مجلس صحار الثقافي ضمن رؤيته الرامية إلى تنشيط المشهد الثقافي في الولاية، وتوسيع دائرة الاهتمام بالفنون الشعرية العُمانية وما يرتبط بها من تراث وفنون شعبية، وقد جاء حفل التدشين تحت رعاية الدكتور حسن بن عبدالله البلوشي، المدير العام للمديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة شمال الباطنة، وبحضور نخبة من الأدباء والشعراء والمهتمين بالشأن الثقافي، في حدث يعكس الوعي المتنامي بأهمية الحفاظ على التراث الأدبي العُماني وتقديمه للأجيال بأساليب معاصرة وجاذبة، ويُعد برنامج «أنغام القصيد» مبادرة شهرية تسعى إلى تقديم مساحة مفتوحة للتفاعل مع الشعر العُماني بشقيه الفصيح والنبطي، مع التركيز على تجارب الشعراء في مختلف ولايات السلطنة، ويهدف البرنامج إلى إحياء الصلة بين القصيدة العُمانية والفنون الشعبية التي تشكل جزءًا أساسيًا من هوية المجتمع الثقافية، مثل فنون الرزحة والهمبل والعازي والمالد وغيرها من الفنون التي كانت على الدوام ملازمة للشعر ومكمّلة لدوره الفني والاجتماعي، كما يولي البرنامج اهتمامًا خاصًا بالفنون التشكيلية والموسيقية، إدراكًا منه بأن المشهد الشعري لا ينفصل عن باقي العناصر الإبداعية التي تسهم في تشكيل الوعي الجمالي لدى الفرد والمجتمع.
ومن خلال سلسلة الجلسات التي يعتزم البرنامج تنظيمها شهريًا، يأمل مجلس صحار الثقافي في تعزيز حضور الشعراء العُمانيين المعاصرين، وتسليط الضوء على رواد القصيدة ممن أسهموا خلال العقود الماضية في ترسيخ مكانة الشعر العُماني خليجيًا وعربيًا، كما يسعى البرنامج إلى توثيق الفنون التقليدية المرتبطة بالشعر، وتقديم منصة معرفية تُثري اهتمامات الجمهور عبر فتح أبواب الحوار والنقاش وتبادل الخبرات، ولا يغفل البرنامج دوره التربوي في دعم المواهب الشابة، إذ يحرص على تشجيعهم على خوض التجربة الشعرية، وتوفير بيئة حاضنة تساعدهم على صقل مهاراتهم والارتقاء بإنتاجهم الأدبي، وقد استضافت النسخة الأولى من «أنغام القصيد» الشاعر خليفة بن محمد الشبلي، عضو مجلس صحار الثقافي والمشرف على الجانب الشعري والفنون العُمانية فيه، وأدار الأمسية الأستاذ المحامي صالح بن سعيد الحمداني، الذي قاد الحوار في أجواءٍ حافلة بالحيوية والإثراء المعرفي، واستعرض الشبلي خلال الجلسة بداياته الأولى في كتابة الشعر النبطي، وكيف تشكلت تجربته عبر احتكاكه بالفنون الشعبية وموروثها الغني، كما تحدث عن دوره في تقديم الورش التدريبية المتعلقة بأوزان الشعر بالتعاون مع مجلس صحار الثقافي، إضافة إلى مشاركاته في العديد من الفعاليات والأمسيات داخل السلطنة وخارجها، وتوقف الحوار أيضًا عند مشاركاته الإعلامية عبر التلفزيون والإذاعة العُمانية، والتي أسهمت في تقريب تجربته للجمهور وإبراز جهوده في خدمة الشعر العُماني.
وشهدت الأمسية مشاركة مميزة للشاعر خميس الفارسي، الذي أهدى الحضور قصيدة خاصة بهذه المناسبة، مُضفيًا على الحفل لمسة فنية زادت من ألق المناسبة وأثرت مسار الجلسة، وفي سياق الأمسية قدّم الشبلي نماذج مباشرة من بعض الفنون العُمانية المرتبطة بالتراث الشعبي، ومنها فن الشلة، وهو ما لاقى تفاعلًا كبيرًا من الحضور الذين عبّروا عن تقديرهم للأداء الحي الذي أعاد إلى الأذهان جماليات الموروث الشفهي العُماني، وقبيل اختتام الفعالية، فُتح المجال للنقاش المفتوح بين الجمهور وضيف الأمسية، حيث طُرحت أسئلة اتسمت بالعمق والارتباط بالتجربة الشعرية العُمانية وسبل تطويرها، وأسهم هذا التفاعل في إثراء الجلسة وإضفاء طابع ثقافي أصيل يعكس هدف البرنامج في خلق حوار حقيقي بين المبدع والمتلقي، وفي الختام قدّم مجلس صحار الثقافي هدايا تذكارية لضيف الأمسية ولراعي الحفل، وسط إشادات واسعة بأهمية «أنغام القصيد» كمنصة جديدة نجحت في إطلاق نسختها الأولى بروح واعدة، تؤكد قدرتها على الإسهام في صون التراث العُماني وتعزيز حضوره في وجدان المجتمع والأجيال القادمة.







