مقالات صحفية

الآثار السلبية للسياحة على البيئة:

محمد علي البدوي

من أهم أهداف السياحة المستدامة أن تحافظ السياحة على البيئة وأن تكون قادرة على منع التعديات على الموارد البيئية والتنوع البيولوجي.
وما بين الواقع والخيال تضيع الحقائق ويصبح الحديث عن سياحة نظيفة تفي بالتزاماتها تجاه الطبيعة أشبه بالخيال.

ورغم كل الجوانب الإيجابية والمشرقة للسياحة إلا أن الهدر المتعمد بسبب سوء الاستخدام أضحى قضية يتم مناقشتها على أوسع نطاق تخوفاً من الوصول إلى مرحلة نبكي فيها على الموارد التي أضعناها.

يتوقع الخبراء مزيداً من الهدر للموارد البيئية مع امتداد العمران السياحي على السواحل ونموّ حركة السياحة بشكل سريع.

وتوجد بعض الأدلة على وجود آثار خطيرة للنشاط السياحي على سواحل بعض الدول مثل ساحل البحر الأحمر في مصر، لدرجة أن البعض طالب بتخفيض عدد السياح حتى تستطيع الطبيعة إعادة التقاط أنفاسها.

وتتنوع المشكلات البيئية في المناطق السياحية بين انتشار القمامة في كثير من الأماكن، وتصريف مياه الصرف الصحي في البحار والأنهار، وقطع الأشجار وتدمير الشعاب المرجانية بشكل متعمد، وانتشار أكياس البلاستيك في الصحراء وتحت الماء وقيام بعض الفنادق بتدمير الشعاب المرجانية من أجل تهيئة ممر للمشاة أو إقامة ميناء صغير أو توسعة شاطئ الفندق.

وتمتد المشكلات لتشمل تهريب الشعاب المرجانية بعد اقتلاعها لاستخدامها في التزيين وصناعة التذكارات وهو عمل خطير عجزت بعض الدول عن إيقافه.

كما أن المراكب السياحية التي تقلّ السائحين عبر نهر النيل في مصر تتسبب في تلوث بيئي كبير بسبب إلقاء مخلفاتها مباشرة في نهر النيل دون إعادة تدوير لهذه المخلفات.

إن تدخّل الإنسان وتوغّله في اكتشاف كنوز الأجداد قد يسبب الضرر لها، فالآثار ظلت لآلآف السنين محفوظة ومصانة وبعد أن تم الكشف عنها خصوصاً في مدينة مثل الأقصر تعرّض بعضها للتلوث بسبب كثرة التردد عليها ودخول الهواء وما يعلق به من غبار وأشياء أخرى إلى داخل المقابر.

يبدو أن معظم المشكلات تعود إلى السلوك البشري الذي يأبى أن يحافظ على البيئة والتراث معتقداً أن العبث مع البيئة لن يصيبه بأضرار كثيرة.

الأبخرة المتصاعدة من المصانع واستمرار حالة تغيّر الطقس بسبب التلوث وظاهرة الاحتباس الحراري كلها عوامل تؤدي إلى تغيرات بيئية واختفاء العديد من النباتات والحيوانات مما يعرقل عمليات تفادي وقوع الكوارث البيئية.

والحفاظ على البيئة سلوك تدعمه منظمة السياحة العالمية وتحث عليه بل وتفرضه على الدول الأعضاء في المنظمة، فبعض الدول تتهاون في حقوقها وواجباتها مما يفاقم الوضع ويجعله أكثر سوءا.

السائح الذي يرى أفراد المجتمع المضيف يتهاونون في حقوق بلادهم البيئية لن يتردد هو الآخر في إهدار هذه الموارد البيئية لذلك فالقوانين لا بدّ وأن تكون حاسمة ومفعلة وأن يتفهم كل صاحب مصلحة أن تدمير البيئة هو تدمير للحياة باكملها.

السياحة مهنة وصناعة توفر ملايين فرص العمل وتحفز النشاط الاقتصادي وتعمل على حلّ العديد من المشكلات، ولكن الجانب السلبي للسياحة على بيئتنا لن يجعلنا نصمّ الآذان عن هذه القضية الخطيرة.
حفظ الله شعوبنا العربية

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights