الإفطار الجماعي.. تلاحم فريد بين المواطنين والمقيمين في قرية الشبيكة
كتب – جمال بن سالم المعولي
اعتادت قرية الشبيكة بولاية الرستاق على إقامة إفطار جماعي سنوياً، وقد انقطعت هذه العادة الجميلة في جائحة كورونا، وبدأت من جديد تحيينا في هذه الأجواء الروحانية البهيجة التي يشارك فيها الصغير والكبير من مواطنين ومقيمين، مجسدين أعظم صور التلاحم والتكاتف الفريدة!
وهاهنا اليوم بتنظيم من إدارة فريق الشبيكة وبدعم من أهل الخير من البلدة يتجدد روح العطاء، كذلك رئيس الفريق يعقوب بن محمد السالمي ونائب الرئيس طالب بن محمد الهاشمي والذي بدورهم شكّلوا لجان لإنجاح هذا المشروع في تجميع أهالي ومقيمي القرية في الإفطار الجماعي في ساحة ملعب الفريق.
طالب بن محمد الهاشمي نائب رئيس فريق الشبيكة الرياضي الثقافي يقول: “تعتبر قرية الشبيكة من القرى الواسعة ويتوسطها الشارع الرئيسي المتجه لولاية الرستاق والولايات الأخرى المجاورة، كما يسكنها كثير من القبائل العريقة المتعددة، وهي من جملة البلدان التي تهتم بالحفاظ على العادات والتقاليد وخصوصاً في الشهر الكريم، ولزاماً علينا جميعاً المحافظة على عادات البلد وتقاليدها وزراعتها في الناشئة”.
محمد بن ناصر الذهلي أمين سر الفريق ومن اللجنة المنظمة لهذا الإفطار الجماعي، والذي دائماً تجده في مقدمة الشباب لمثل هذه الفعاليات والمناسبات يحدثنا، قائلاً: “تأتي عادة الإفطار الجماعي الذي ينظمه فريق الشبيكة الرياضي الثقافي تعزيزًا لأواصر الأخوة والمحبة بين أهالي بلدة الشبيكة، وفرصة جميلة لتجمع أهالي البلد على سفرة واحدة. وتتميز هذه العادة بابتعادها عن الطابع الرسمي، إذ يغلب عليها طابع البساطة في تفاصيلها المختلفة، واهتمامها بالقيم السامية التي أوصى بها الدين الإسلامي، والتي تتمثل في المحبة والإخاء، والتعاضد، والتكاتف، والتسامح، وغيرها من القيم التي كان عليها وما زال المجتمع العُماني، متمسكًا بها، ويعتبرها جزءً أصيلًا في الشخصية العُمانية”.
وأضاف الذهلي؛ “مما لا شك فيه أن مثل هذه التجمعات لأهالي البلد يعد لفتة طيبة لجميع فئات المجتمع صغاراً وكباراً، حيث أنه يعد فرصة كبيرة لغرس حب البلد وأهله في نفوس الناشئة، وسيضل عالقاً في أذهان الجميع، حاملاً في طياته معاني الألفة والمحبة والتعاون بين أهالي هذا البلد الطيب، حيث يتشارك الجميع في تجهيز المائدة، سواءً بشرائها أو طبخها أو إحضار الأصناف من المنزل”.
كذلك يحدثنا سليمان بن عبدالله المعولي، وهو من أوائل الحضور لمثل هذه الفعاليات والمناسبات، معبراً عن هذه المناسبة: “في البداية أحب أن أقول كما قال ابن شيخان في وصف قرية الشبيكة..
إن الشبيكة بلدة ** فاقت بمنظرها الوسيم
حَازت عُلاً بين القُرى**بجوار ذا الحصن العظيم
فإذا نظرتَ ريَاضها**أبصرتَ جنات النعيم
فقرية الشبيكة وصفت منذ القدم، وذكرت في كتب ومؤلفات، فلها العديد من الأشياء الجميلة التي تتميز بها؛ ومن أهمها التكاتف بين أفراد المجتمع وعملهم الدؤوب في الأعمال الخيرية والتطوعيّة، وإقامة المناسبات الدينية والاجتماعية والثقافية، وغيرها الكثير، وتجدهم يعملون بروح الفريق الواحد من صغارهم وكبارهم”.
ويضيف المعولي، قائلاً :”فأنا أذكر منذ الصغر، يهيئنا من هم أكبر منا في السن بما يخدم هذه البلدة في شتى المجالات، ويحثوننا بمواصلة العمل والتكاتف والتعاضد وتقريب العلاقات وتوطيدها بين أهالي القرية، وهنا نجدد هذه الأفكار ونزرعها في فلذات أكبادنا؛ لينهجوا نهجنا ونهج من قبلنا”.
وهنا كذلك نلتقي بيحيى بن خلف الهاشمي، ليحدثنا عن شخصية مهمة تربت في أحضان هذه القرية البسيطة، محبٌّ لها ولمحاسنها، هذا الرجل يحمل في قلبه حبًا للمكان الذي شهد نشأته وتربيته، ويحب أن يذكر محاسن القرية ويشيد بتكاتف أهلها في الأعمال الخيرية، ففي كل مرة يجلس في مجلس من مجالس البلد يروي قصصًا طيبة عن تلاحم أهلها وتعاونهم في الأوقات الصعبة، ويتحدث عن تقارب أهالي البلدة، حيث يتسلقون سويًا قمم الجبال لإنجاز ما يصعب عليهم من المهمات ويتشاركون الصعاب، ويُشيد بروح التعاون والتضامن التي تجعلهم يتجاوزون الصعاب ويحققون النجاح.
هذا الشخص يعرف أن القرية هي أسرته الكبيرة، وأن تكاتفهم هو سر نجاحهم، ويحمل في قلبه حبًا لهذا المكان، ويسعى دائمًا للمساهمة في رفعة القرية وتقديم الخير لأهلها، إنه رمزٌ للعطاء والتضامن؛ إنه الشيخ خليفة بن منصور الهاشمي -رحمة الله عليه-، الذي زرع روح العطاء دون كلل ولا ملل.