رمضان، وظاهرة الإسراف والتبذير
طلال بن زاهر الغريبي
أيامٌ قليلة ويهلُّ علينا أفضل الشهور، إنه شهر رمضان المبارك، وبدأ الناس بالاستعداد له كلٌّ بطريقته الخاصّة، فالبعض يستعدّ له بالعبادات، وهناك من يستعدّ له بشراء ما لذّ وطابَ من أصناف المأكولات والمشروبات.
فمنَ السلوكيات الخاطئة التي يقوم بها الناس في شهر العبادة:
الإسراف والتبذير في الطعام، والذي تنتج عنه عواقب دينية، نظراً لتعدد الآيات والأحاديث النبوية التي نهَتْ عن التبذير في تناول الطعام، قال عزّ وجلّ: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، الأعراف، الآية 31.
وقال سبحانه: { كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}. الأنعام، الآية 141.
لذا لا بُدّ من الالتزام بتعاليم ديننا الحنيف، والاعتدال في شراء الطعام وتناوله من خلال التخطيط لما يجب شراؤه وتناوله.
ورغم أن شهر رمضان المبارك شهر برٍّ وعبادات ورحمة ومغفرة وعتق من النار، إلّا أن الكثير من الأُسَر تزيد من إسرافها وتبذيرها في هذا الشهر الكريم، بخلاف باقي السنة، فيما لا يقتصر الإسراف على الأسر ميسورة الحال، وإنما يتعدى الأمر لأغلبية الأسر من مختلف الطبقات والفئات.
وبينما هناك أسر لا يجدون ما يتناولونه على الإفطار، فإن الكثير من الأسر من يبالغون بإعداد الأطعمة بشكل يوميّ، حيث تقضي ربّات البيوت ساعات طويلة بإعداد ما لذّ وطاب من أصناف المأكولات والحلويات والمشروبات للإفطار، فيما هناك من يتباهى بهذا الأمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، متناسياً تلك الفئات التي لا تستطيع توفير مثل هذه الأطباق والوجبات، وعدم مراعاة شعورهم.
ما نراه في مجتمعاتنا في هذه الأيام ما هو إلا صورة واقعية لظاهرة الإسراف والتبذير، كميات هائلة من الأطعمة مصيرها القمامة، وقد نهانا ديننا الحنيف عن التبذير بشتّى أنواعه وصوَره.
ومن جانب آخر هناك من التجار من يستغلّ هذا الشهر برفع أسعار البضائع دون النظر لحال الناس، فعلى هؤلاء التجار أن يتّقوا الله في أنفسهم، وأن يكونوا رحماء بالضعفاء من الناس.
يَقُولُ الرسول صلى الله عليه وسلم : “مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ المُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ, كانَ حَقًّا عَلَى الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِن النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ” مسند الإمام أحمد.