أحمد بن سليم الحراصي
أعترف لكم بأنني من الأشخاص الذين تلقوا الكثير من الصدمات والخيبات في هذا العام، عام 2022 لم يكن عامًا سيئًا لكنَّ السيئ فيه هم الناس من حولك، الذين لا تهمهم سوى مصالحهم الخاصة متغاضين بذلك عن مصالحك، ما يهمهم هو فائدتهم؛ لذا هم مستعدون دومًا بالتضحية لأجل هذه المآرب الخاصة، وأنت بلا شك ستكون الضحية في ذلك، لكن ليس كل ضحية يصبح أضحية؛ فالعقل كما قيل نعمة وباستخدامك له يقيك شر الكثير من المكائد.
قبل مدة ليست ببعيدة، عرضتُ منتجًا للبيع في برنامج السوق المفتوح الذي نعرفه، والذي لا يعرفه فإن هذا السوق خاص بعرض المنتجات التي تحتاج بيعها، أيًّا كان المنتج الذي تريد بيعه، ثم بعد ذلك، تواصل معي أحدهم عبر الواتساب -كان الرقم الذي ظهر لي على شاشة الهاتف يحمل رقم بلد أجنبي- مُعرِّفًا نفسه على أنه زبون يريد شراء هذا المنتج بلغة إنجليزية لبقة، ثم سألني عن حالة المنتج وهل فيه عيبٌ ما؟ أجبته إن المنتج بحالة جيدة، ولا توجد فيه أية عيوب، وبإمكانه فحصه، ثم نتفق إن أراد شراءه، ثم أردف قائلًا: أين موقعك؟ فأجبته، فأجاب: أنا من صلالة، لا أستطيع القدوم فهل بإمكانك إرسال المنتج لمعاينته عبر ساعي بريد عمان (Oman Post Courier)، ولأنني لست معتادًا على هذه الأمور، أخبرته أن يرسل أحد أصدقائه هنا في مسقط أو أي مكان قريب لمعاينته ثم إخباره بحالة المنتج، قال لي: للأسف، لا يوجد، ثم أردف قائلًا: الأمر ببساطة ولا شيء معقدٌ، أنا سأدفع للتوصيل وأنت لست بحاجة إلى الذهاب لمكتب البريد، الساعي سيقوم بكل شيء وبعد أن تستلم المال سيتواصل معك ساعي البريد، ثم أرسل لي صورة موضحًا فيها خطوات عملية التوصيل في بريد عمان، الغريب من الصورة أنه يوجد فيها شعار بريد عمان ومضللة، بمعنى أن الرجل يريدني أن أفهم أن الصورة تم تصويرها بشاشة الهاتف من رابط موقع بريد عمان، لكن حينما يكون المحتال ماكرًا يجب على المحتال عليه أن يكون ذكيًا، أردت أن أتأكد؛ فقمت بفتح رابط بريد عمان من موقع جوجل إلا أن الصورة اتضحت أنها مفبركة، ولم تكن أساسًا موجودة في موقعهم!، ومع هذا فالرجل واصل قائلًا: أعطني اسمك وعنوانك؛ لكي أرسل لك الساعي، أعطيته لأرى إلى أين سيصل هذا الرجل-هذا إن كان رجلًا-.
أرسل لي رابطًا قائلًا: افتح هذا الرابط واستلم أموالك، وعندما فتحت الرابط وجدتُ زرًا ينبهني لاستلام مبلغ الوديعة التي طلبتها في المنتج وعندما ضغطت، فوجئت بوجود قائمة لاستكمال الإجراءات الخاصة ببطاقة البنك، رقم الحساب، وتاريخ انتهاء البطاقة، والرمز الثلاثي الخلفي لبطاقة البنك (رمز التحقق من البطاقة)، اتضح لي الأمر بعدها كليًا أن كل هذا عبارة عن احتيال ولعبة باسم بريد عمان، أخبرته لا أريد شيئًا كهذا إذا أردت أن تأخذ بضاعتك، أرسل المبلغ كاملًا، وسأرسل لك حسابي أو تعال واستلمها وأنا ليست لديَّ مشكلة في أن تتأكد بنفسك من البضاعة، قال لي بخبث: إن لديه تجربة سيئة هنا في عمان من قبل، ولا يريد أن يقع مجددًا ضحية احتيال. قلت له بعد أن فهمته وفهمت لعبته، عليك أن تخدع شخصًا آخر، وأن لا تخدع والدك أيها الابن الصغير!، قال لي: حظًا موفقًا مبتسمًا، ثم أنهيت كلامي: بأنني سأشكو عليك، رد عليَّ بثقة: حسنًا سأنتظر، وأغلق الهاتف وحذف الرابط الذي أرسله!.
لا ضير في أن تبحث قبل أن تقع ضحية حتى ولو كان الذي يرسل لك صديقك برقمه الخاص، هناك طرق وأساليب كثيرة للاحتيال وتتطور كثيرًا يومًا بعد يوم، وبدوري بحثت كثيرًا عن هذا النوع من الاحتيال باسم (بريد عمان)، ثم قرأت تحذيرًا من بريد عمان من رسائل احتيالية، نُشر التحذير في صحيفة أثير يوم 3 ديسمبر 2020، يقول التحذير: إن هناك محتالين يتواصلون مع العملاء لأجل دفع المبالغ لاستلام الشحنات، لكنَّ الأمر هنا مختلف والمحتال غير أسلوب احتياله بطريقة ذكية.
هذا الأمر تكرر معي مرتين، ولكن لمنتج آخر وفي أقل من أسبوعين، بمعنى أن الأمر جديد في الساحة ولعبة ذكية، إلا أنه بالوعي وبالبحث والتقصي سيصعب الاحتيال عليك، وستستطيع كشفه بطريقتك، كأن تخبره ما رأيك أن تأتي أنت وتنظر بنفسك وتتأكد، كذلك عليك أن تبحث وتتأكد قبل البت في الأمر وتقع ضحية احتيال، ما يؤسف أيضًا أن جميع الأرقام التي تواصلت معها والتي وُضعت للبلاغ عن ضحايا الاحتيال الإلكتروني، وجدتها مغلقة وبعضها كان مشغولًا!؛ وأنا متأكد بأن احتياله سينجح لفئة معينة وهي الفئة التي أقلق عليها كثيرًا والتي جعلتني أكتب هذا المقال للتنبيه ولزيادة الوعي، لذا إن كان المتحدث مجنونًا فعلى المستمع أن يكون عاقلًا، وكن كما قيل دومًا ذئبا فإن لم تكن كذلك لأكلتك الذئاب حتمًا.
